في فجر السادسة من عمرها، بدأت رحلة وردة، تلك الطفلة التي فتحت عينيها على عالم الأحرف والكلمات داخل جدران الفصل الدراسي، ومنذ تلك اللحظة، أيقنت بأن مهمتها في هذه الحياة ستكون زرع العلم والمعرفة في قلوب الأجيال القادمة، مثلما فعلت معلمتها التي ألهمتها بشغف.
ترعرعت وردة في كنف أسرة تعتبر العلم قدس الأقداس، حيث كان والدها ليس مجرد الأب الحنون، بل كان الرفيق والمرشد الروحي الذي يأخذ بيدها في رحلات عبر سجادة الطبيعة الخضراء، يفسر لها أسرار الحياة من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ما زرع فيها بذور الفضول المعرفي والتأمل العقلي.
بتفوق وإبداع، سارت وردة في دربها الدراسي، موظفة مهاراتها العلمية لمساعدة زملائها، مما زاد من حبها للتعليم ورغبتها في إنارة العقول. حلمت بالالتحاق بالمدرسة العليا للأساتذة، وعلى الرغم من الإخفاق مرتين، لم تستسلم، بل وجدت في تلك التجارب دروساً تعلمت منها منهجيات ومهارات جديدة.
وجهتها المصير إلى كلية العلوم الاجتماعية، بعيداً عن التخصص الذي حلمت به، لكن القدر كان يخبئ لها مفاجأة عندما انضمت إلى فريق تعليمي في مدرسة خاصة لتعليم الرياضيات. هناك، لم تتألق فحسب بل أحيت أحلامها وألفت كتباً في الرياضيات جعلت من التعلم مغامرة معرفية ممتعة. ومع تخصصها في علم النفس البيداغوجي، أضافت عمقاً وإتقاناً لمسيرتها، مكتشفةً أن البعد النفسي للطالب له أهمية كبرى في نجاحه الدراسي والحياتي.
بعد زواجها وتأسيس أسرتها، وجدت وردة نفسها أمام تحديات جديدة، فتعلمت أن النجاح في الحياة الشخصية قد يختلف عن النجاح في الحياة المهنية. بدأت رحلة جديدة في فهم دروس الحياة، مستعينة بما تعلمته من والدها والكتب التي قرأ
تها، أبرزها “قوة التفكير” لإبراهيم الفقي.
معتبرة تحدياتها الجديدة كمعادلات رياضية تحتاج إلى حل، تعاملت وردة معها بجدية، مستخدمة تقنيات وتمارين الكوتشينغ الشخصي لحل المشكلات من جذورها. والآن، مع تركيزها على دروس الحياة، قررت مشاركة تجربتها لمساعدة نساء أخريات يمررن بنفس التحديات، مؤكدةً على أن النمو والتطور رحلة لا تنتهي، تتطلب الشجاعة والإصرار على التحسين المستمر.